في عالم يمجّد الانشغال ويقيس النجاح بجدول مزدحم، يبدو الفراغ شيئًا مخيفًا. كثيرون يشعرون بالذنب لمجرد أن لديهم وقتًا لا يُستخدم “بشكل منتج”. لكن، هل الفراغ دائمًا شيء سلبي؟ أم أن له جانبًا نحتاجه أكثر مما نظن؟

الفراغ ليس دائمًا فراغًا حقيقيًا، بل هو مساحة. مساحة للتنفس، للتفكير، للهدوء، وللسكون. هو تلك اللحظات التي لا يُطلب منك فيها شيء، ولا تضطر فيها لإثبات شيء، ولا تسابق فيها الزمن. لحظات تبدو بلا فائدة… لكنها قد تكون أساسًا للوعي والإبداع.

في الفراغ تولد الأفكار الجديدة. في الصمت تنضج القرارات. في البُطء تُشفى الروح من سباق الحياة. حتى الطبيعة تعرف قيمة الفراغ، فالأشجار تحتاج لفصل الشتاء كي تستعد للربيع، والليل ضروري كي تتجدد الحياة في النهار.

لكن الفرق يكمن في كيف نعيش الفراغ. إن استخدمناه للهروب أو التبلد، قد يتحول إلى وحشة. أما إن استخدمناه للتأمل، أو لإعادة الاتصال بذواتنا، فقد يصبح مصدرًا للسلام الداخلي.

لا يجب أن نملأ كل دقيقة من يومنا. أحيانًا، يكفي أن نسمح لأنفسنا بلحظات من “اللاشيء”، دون تبرير، دون ذنب. لأن في هذا اللاشيء، قد نجد كل شيء كنا نبحث عنه.